http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12870&P=4&G=2وصلتني قبل فترة طويلة رسالة من شاب اسمه عبدالحميد الغامدي، وكان وقتها قد أمضى تسع سنوات يعمل بشركة أرامكو بعد تخرجه في الثانوية، ورغم أنه تدرج بالتدريب والعمل فيها وحقق نجاحاً معنوياً ومادياً إلا أن في قلبه مطحنة لا تهدأ شرحها بتلك الرسالة:
«.. حلمتُ طيلة سنوات دراستي أن أكمل دراستي الجامعية مهندسا، ولما تخرجت في الثانوية لم أُقبـَل بالجامعة التي أريد، ولا في برنامج ابتعاث أرامكو، وكان البديلُ برنامج التدريب بأرامكو المنتهي بالعمل بها، رضيت وقتها بما كتبه الله لي، وعملت في خدمة الشركه الى الآن تسع سنوات، ولكني لم أنسَ لحظة طموحي في نيل الشهادة الجامعية بالهندسة رغم كل هذه السنين. تمنيتُ لو كنت لا مباليا, لا أتحمس للعلم ولا أسعى وراء شهادةٍ جامعية, ولكنني لم أستطع أن أهدئ جماحَ طموحي. وأطلب توجيهك الآن: هل أستقيل من الشركه وأضُحيِ بما جمعته من مال للزواج وأذهب للدراسة في الولايات المتحدة الامريكية على حسابي الخاص ومن ثم احاول ان انضم اذا حالفني الحظ الى برنامج الملك عبدالله للابتعاث؟ ولكنني قد لا اضمن قبولا في برنامج الملك عبدالله, فأعود أدراجي الى بلادي لانني لا استطيع تحمل نفقات دراستي، وبهذا سأخسر وظيفتي التي كنت قد استقلت منها ولم أنل الشهادة.. قل لي ما العمل؟ فأنا سيد الحائرين.»
وكان ردّي عليه آنذاك كالتالي:
«.. ولا أوضح من حالتك إلا الشمس في وسط النهار.
يجب أن تذهب لتقصّي أجمل أحلامك، وهي الدراسة الجامعية في تخصص اخترته أنت، واترك الشركة للأسباب التالية:
1- هذا الطموح سيأكل كل حياتِك، فحتى تأكله أنت يجب أن تذهب لملاحقة طموحك، وستتحققه بإذن الله فهو دعوة كامنة من الله في قلبك.
2- إن نجحت، وأنت ستنجح كما أتوقع لأن عناصر النجاح متوافرة، فتكون قطفتَ ثمرة عمرك، ورسمت مستقبلـَك بنفسك، وستعيش واثقا سعيدا، وإن لم توفق لا سمح الله، فلن تندم كثيرا، لأنه قرارك الذي كان يجب وقتها أن تأخذه فأخذته، ولن نعلم عن النجاح أو الفشل إن لم نقدم على التجربة.. إقدامك على معركة طموحك برأيي هو الصواب.
3- صلِّ صلاة استخارة، واطلب بركة ودعاء الوالدين.. وتوكل على الله.
وادعُ لي أن أكون في حفلةِ تخرجك.. على حسابـِك!»
مضت الشهورُ، ولم أتلق من عبدالحميد جوابا، وأخذتني أنا المشاغل والأحداث. حتى أول الأسبوع الفائت، فإذا رسالة من عبدالحميد في بريدي تقول:
« أنا الآن في الولايات المتحدة، والتحقت بالجامعة والتخصص الذي أريد، وسعادتي لا يمكن أن توصف، وكما قلتَ لي فأنا أرى النجاحَ بعيني لأني أحفره حفراً باجتهادي وملاحقة طموحي.. وأود أن تخبر القراءَ، بما أنك تكتب هذه الأيام عن السعادة، بأن ملاحقة الطموح سعادة ما بعدها سعادة.. والحمد لله، ثم لك، على النصيحة والتشجيع، وأعدك أنك مع والديّ ستكونون أول المدعوين لحفل تخرجي..»
صدق عبدالحميد، فملاحقةُ الطموحِ سعادة.
فإلى كل شابٍ وشابةٍ لاحقوا طموحاتكم أنتم لا طموحات الآخرين من خلالكم.. فما ملأ الدنيا بالنجاحات الخفاقة في كل مضمار وميدان إلا من لاحقوا طموحهم هم، وسعوا وراء أحلامِهم هم.. ولم يستسلموا لحظة رغم أي صعاب أو عراقبل من أمل الوصول.. فوصلوا.
ولن أخفي سعادتي أنا أيضا بالذهاب لحفل تخرج عبدالحميد، وسر سعادتي أني اشترطتُ عليه مسبقا أن تكون الإقامة والتذاكر على حسابـِه، ولا مانع من مصروف نقدي.. وهنا يكون كل منا حقق طموحَه!
هيا.. اذهبوا، واجروا وراء طموحاتكم.
الثلاثاء سبتمبر 09, 2008 5:41 pm